أقدّم إلی القاريء الکریم هذا البحث القرآني الّذي طالما وظّفه مبدأُ الوحي أعلی و أسمی القیم البنّاءة توصلاً لهدایة البشر إلی ما ینبغي في حیاته الاجتماعیة و الروحیّة. ففي القصة و ما تنطوی علیه من قدرات، أقوی و أنفذ آلیات التأثیر في قارئها و مخاطبها؛ تتسلل في أعماق کیانه و مشاعره، و تأخذ بمجامع قلبه و تفجر فیه ینابیع أعنف من البرکان و أشدَّ عصفاً من الریاح الهائجة و الأمواج المائرة!
فالقصة القرآنیة قد عرضت علی قارئها مقاطع فنیةً من واقع حیاة الانسان یتجلی فیها قیمٌ أخلاقیةٌ و مفاهیمُ معبّرة تأخذ بیده إلی حیثُ السعادةُ و الفلاحُ. هذا الفن الأدبي معنیً و مبنیً قد وُظّف في هذا الکتاب العظیم توظیفاً رئیسیاً و مبدئیاً للإرشاد و الهدایة، و تقریر مفاهیم الثورة الإلهیة في أَتْقُسِ قرّائه علی مدی العصور و الأزمنة.
کما تمتعت القصة القرآنیة بشرفِ و نُبلِ أغراضها و مقاصدها و غایاتها، کذلک تجلّی في مبناها و هیکلها و صیاغتها، أروعُ فنون الأدب و أرقی صناعات التعبیر و الإبلاغیة، ما أخذ بقوةِ قصَبَ السبق من غیره علی الإطلاق، فلذا قیل فیه: القرآن ظاهره أنیقٌ و باطنهُ عمیق فهذه الأناقة و العمق یتجلیان فی جمیع قصص القرآن کما قد تجلّی في سائر فنونه الموظّفة في إبلاغ و إیصال مفاهیمة السامیة إلی مخاطبه فهو الإنسان علی مدی العصور و الدهور.
نعم هذه هي النبرة الوحیانیة حیث تدعونا إلی مبدأ التأمل و الإمعان فتقول: لقد کان في قصصهم عبرة لأولی الألباب؟!
فولجت في غمار هذا البحث آخذة دراسة فنیة في الصیاغ البنیوي للقصة القرآنیة و حلّلت مکوناتها تحلیلاً،فنیاً کلما دعت إلیه ضرورة ماسة، ثمَّ تناولت معاني القصة و ما یمت إلی غایاتها و أغراضها بصلة، إکمالاً للفائدة و إیصالاً للمعنی و المفهوم إلی أعمق درجةٍ في نفس قارئها أملةً أنْ ننتهلَ من معین هذا المنهل الشریف کأساً رویّاً یبرد غلیلَ الباحثِ عن الجمال و الکمال، و القرآنُ معدنه و مصدره.
كتاب دراسة بنیویة في القصة القرآنیة من أهم كتب اللسانیة في الادب القرآني وقد کتبته بالعربية الدکتورة سهاد جادري في عام 2019 للمیلاد.